لماذا يقرأ نتنياهو كتاب “اليهود ضد روما”؟

غالبا ما تؤدي دراسة العصور القديمة إلى رؤى عميقة في الجغرافيا السياسية المعاصرة، وهي الظاهرة التي أكد عليها الاهتمام الذي حظيت به أعمال المؤرخ العسكري باري شتراوس، وخاصة كتابه “اليهود ضد روما: قرنان من التمرد ضد أقوى إمبراطورية في العالم”، الذي نُشر في أغسطس/آب 2025.

صدر الكتاب في حقبة اتسمت بالصراع الشديد في الشرق الأوسط، وهو يقدم سردا تاريخيا مفصلا لنضال الشعب اليهودي المطول ضد الإمبراطورية الرومانية بين عامي 63 قبل الميلاد و136 ميلاديا، ويغطي ثلاث انتفاضات رئيسية: الثورة الكبرى، وثورة الشتات، وثورة بار كوخبا الكارثية.

الرنين المعاصر لعمل شتراوس، الذي يقدم “سردا آسرا يربط الماضي بالحاضر”، يبرز بشكل خاص من خلال الاعتراف بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يقرأ الكتاب، وكان دافعه المُعلن إستراتيجيا للغاية: “لقد خسرنا تلك المباراة، وأعتقد أن علينا أن نفوز في المباراة التالية”.

يُحوّل هذا البيان قراءة التاريخ القديم إلى فعل تشاور إستراتيجي فوري، مما يجعل الكتاب بمثابة “دليل في الوقت المناسب لليوم”. وتعكس هذه التطورات الدروس الإستراتيجية العميقة التي يدركها القادة الحاليون في سرديات المرونة والانقسام وإدارة المنافسين الإمبرياليين الإقليميين.

بصفته زميلا بارزا في مؤسسة هوفر في جامعة ستانفورد العريقة، وباحثا مخضرما في التاريخ اليوناني والروماني القديم، وشغل منصب أستاذ زائر متميز في قسم تحليل الدفاع بكلية الدراسات العليا البحرية الأميركية، وله تأثير على صناع القرار، فقد صاغ شتراوس روايته بوعي لرسم أوجه التشابه بين الصراعات القديمة والنضالات الحديثة، مشيرا إلى أن “الماضي هو صورة طبق الأصل من الصراعات الحالية”.

وبالنسبة للقيادة الإسرائيلية المعاصرة التي تواجه اليوم تحديات أمنية وجودية، فإن الكتاب بمثابة مختبر تاريخي لاختبار الفرضيات المتعلقة بالبقاء الوطني، وعواقب الاحتكاك الداخلي، وحساب المخاطر في مواجهة القوة الساحقة.

من هنا تأتي أهمية تحليل الدروس الإستراتيجية المحددة المستمدة من رواية شتراوس الشاملة ومزاعمه حول التمردات اليهودية التي تتردد أصداؤها بقوة مع الوضع الجيوسياسي الحالي لإسرائيل، ويشرح القيمة الإستراتيجية لهذا النص التاريخي لقيادتها.

1 فكرة عن “لماذا يقرأ نتنياهو كتاب “اليهود ضد روما”؟”

اترك رداً على غير معروف إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top